Loading...
Browsing Category

المقهى Le Café

ميسي، المراوغة الأخيرة والهدف الأصعب!

لا يوجد إسم يشغل وكالات الانباء ومنصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام أكثر من إسم ميسي، والسـؤال الأبرز، إلى أي نادي سيذهب بطل العالم  صاحب ال35عام؟ كانت الترشيحات تتأرجح بشكل كبير بين برشلونة، بيته القديم، وبين الرياض، وتحديداً نادي الهلال السعودي، الفريق العاصمي المنافس لفريق كرستيانو، النصر السعودي. وفي خضم هذه التنبؤات والتكهنات ظهر فجأة اسم انتر ميامي الأمريكي، هذا النادي الجديد والصغير قدراً في عالم كرة القدم والذي تأسس عام 2018 ويشارك في ملكيته ديفيد بيكهام، استطاع هذا النادي صاحب الخمسة أعوام، أن يكون البطل وفرس الرهان الذي حسم السباق في المنعطف الأخير وخطف أهم وأغلى لاعب في تاريخ كرة القدم وسط حسرة وخيبة أمل من جماهير برشلونة، وكذلك ذهول وصدمة من جماهير الهلال التي كانت تمني النفس بلاعب بحجم ميسي، فكيف يكون للنصر كرستيانو ولا يكون للهلال ميسي؟ كيف حدث ذلك وماذا حدث بالضبط ولماذا اختار الاسطورة ميسي طريق ميامي دون سواه؟! هل كانت نية ميسي بالعودة لبرشلونة حقيقية؟ ولماذا لا يبدو أن ميسي فكر في العرض السعودي بشكل جدي؟

بعد الإعلان انتشرت أخبار كثيرة أن ميسي ضحى بالمال من أجل رغبة أسرته، وتحديداً زوجته التي تحب حياة الشواطئ! هكذا بدت الصورة دون الحديث عن أي أرقام خصوصاً أنه لم يصدر أي بيان رسمي من النادي الأمريكي بعد، وقد كان الحديث أن صندوق الاستثمارات السعودي قدم ما يساوي 10 أضعاف ما قدمه النادي الأمريكي، فهل ميسي بهذا الجنون وبهذه السذاجة أن يضحي بكل هذه الثروة  فقط من أجل أن تستمتع انتونيلا بشمس ساوث بيتش؟

لقاء ميسي التلفزيوني

عندما استمعت للقاء ميسي، وقرأت بعض الاخبار، تذكرت ما حدث عام 2010 عندما كنت أعيش في فلوريدا وشعرنا بالزلزال الذي احدثه فريق ميامي هيت في عالم كرة السلة، حينها رأينا كيف استطاع هذا الفريق العادي أن يصنع التاريخ بصفقة جنونية بعد أن استقطب أفضل 3 لاعبين في كرة السلة (ليبرون ورفاقه) وصنعوا معاً فريق لا يقهر، حقق حينها ميامي هيت أعلى معدل أرباح في تاريخ اللعبة في ذلك الوقت! كان قرار انتقال ليبرون جيمس من كليفلاند لميامي كالصاعقة لدرجة أن اغلب شبكات الاخبار قطعت بثها ونقلت تصريح ليبرون حينها فيما أسماه ( The Decision القرار) هكذا يصنع الامريكيون الحدث الرياضي!

لم يعد هناك سبب للمنافسة

في اللقاء ذكر ميسي أنه عاش أفضل أيامه بعد كأس العالم ويشعر أنه حقق كل شيء، إذن ميسي يرى نفسه أنه (ختم اللعبة) كما نقول، وهذا يجعله يشعر أنه لم يعد ينافس أحد، فجميعنا يعلم أن هاجس ميسي الوحيد في السنوات الماضية هو كأس الكوبا وكأس العالم لمنتخب الإرجنتين، وبعد أن ابتسم له الحظ أخيراً، ذكر ميسي في مقابلات عديدة أنه سعيد جداً بهذا الانجاز وأنه ازاح عن كاهله حمل ثقيل يمثل حلم شعب بأكمله، لذلك وكما قال ميسي في مقابلته أمس أنه يشعر بأنه حقق كل شيء في كرة القدم، وبالتالي لم يعد لديه نفس دافع المنافسة واثبات أنه لا زال يستطيع تقديم الكثير كالدافع الذي نشاهده مثلاً عند كرستايانو رونالدو، هذه العقلية تجعل ميسي يفكر بطريقة مختلفة تماماً عن أي لاعب آخر.

فشل تجربة باريس

تجربة ميسي في باريس لم تكن بدايتها ناجحة بعد الخروج المتعب من برشلونة، فقد ذكر أنه شعر بالخذلان وأنه لم يغادر بالطريقة التي يستحقها، ولم تكن نهايته في باريس ناجحة أيضاً، فجماهير باريس لم تحترمه وتحترم تاريخه، تجربة السنتين هذه وصفها بأنها الأسوأ في مسيرته كلاعب وفي مسيرة اسرته. هذه التجربة جعلته يقرر بوضوح أنه لن يلعب لأي فريق آخر في اوربا مهما كانت العروض، وأظنه يقصد كذلك أنه لن يعيش في مكان غريب مرة أخرى، بسبب الصعوبات التي واجهها وواجهتها أسرته.

ميسي يريد أن يرتاح ولا يريد أن يحمل هم أحد غير أسرته

قال ميسي أنه يريد أن يرتاح، ولم يعد يرغب في المنافسة في كرة القدم، وهنا مربط الفرس في كل ما قاله ميسي في مقابلته الأخيرة، هنا يقول ميسي، وهو أفضل لاعب كرة قدم حالياً بالأرقام، وهو في عز مجده، وهو يتجهز للفوز بالبالون دور بعد شهر، وهو يحمل لقب كأس العالم وأفضل لاعب في كأس العالم بيديه، يقول لنا أنه قرر أن يرتاح وأن يمارس كرة القدم كشيء يحبه برتم أقل حدة وأقل تنافسية، وأنه يريد أن يستمتع هو وأسرته بالحياة بجانب ممارسته لكرة القدم. هذا التصريح ينقل فيه ميسي نفسه من لاعب تعود على حمل الفريق على أكتافه، من لاعب تعلق الملايين آمالها عليه، الى لاعب شو، نجم شباك، فنان استعراضي، لاعب تصفق له ولا تطلب منه أن يحقق اللقب! عندما اتخذ ميسي هذا القرار لنفسه، تغيرت قواعد اللعبة، وأصبحت الاسئلة مختلفة، لم يعد السؤال ماهو الفريق الذي يليق بي؟ وماهو الدوري الذي يستحق إسمي؟ بل أصبحت الأسئلة، ماهو المكان الذي أبني فيه مسرحي الاستعراضي، وأين اقدم عروضي الفنية كنجم سيرك محترف، ومن سيدفع أكثر لحضور عروضي؟ وكيف أستفيد مادياً من كل هذا؟ وكيف تستمتع أسرتي واستمتع أنا بالسنوات الباقية في حياتي الرياضية وأبني عليها مابعدها؟

هل كذب ميسي على جمهور برشلونة؟

هذه النظرة المختلفة التي عبر بها ميسي عن نفسه، تجعلني لا أصدق أي كلمة قالها بتفكيره في العودة الى برشلونة، كيف يعود لنادي يريد منه أن يفعل كل شيء؟ كيف يعود لجمهور يعشقه ويطالبه بالألقاب كل يوم؟ أعتقد أنه (مثل) قصة رغبته في العودة من أجل الحفاظ على جمهوره الذي يحبهم ويحبونه ليرفع الحرج عن نفسه ويقول لهم إنني جاهز للقدوم متى ما تقدم لي العرض المناسب! العرض الذي يعلم هو ونعلم جميعاً أنه لا يمكن لبرشلونة أن يقدمه، اذاً خيار  العودة لبرشلونة لم يكن خيار حقيقي وعملي، ولكن لا مانع من (كذبة بيضاء) لحفظ الود، ولا مانع من العودة في يومٍ ما لحفل توديع يليق بميسي وتاريخه، ولا مانع ايضاً من إحراج الإدارة في برشلونة!

هل فكر ميسي في القدوم الى السعودية؟

بالعودة لما ذكرنا سابقاً، وهو أنه يريد أن يرتاح، فإن السعودية ليست المكان المناسب للراحة لا له ولا لعائلته، فكرستيانو موجود، والمسؤلين في السعودية يرغبون في إشعال المنافسة والقفز بمستوى الدوري لذلك استبعد أنه فكر  بشكل جدي في السعودية خصوصاً من ناحية اللعب، وأما من ناحية اسرته وحياته فمن المؤكد انه يعلم أن السعودية لن تكون المكان الافضل لهم وخصوصاً انهم وجدوا صعوبة في التأقلم في باريس كما يقول،  فكيف بالحياة في منطقة مختلفة تماماً كالرياض؛ ولكن، العرض السعودى كان لابد منه، فهو أفضل عرض مالي في تاريخ ميسي، وهي الورقة التي يستطيع خورخي ميسي، والد ميسي ووكيله الشرس، أن يفاوض بها ويضغط بها على الأمريكان من باب (كم حدك؟ ونطلب من الله الزود!) وأظن انه نجح الى حد كبير في ذلك.

أمريكا هي المحطة القادمة

قالها ميسي في أكثر من مناسبة أنه سيختم حياته الرياضية في أمريكا، فهو يعرف قصة بيليه جيداً وكيف حقق الكثير في سنواته الثلاث في أمريكا، وكذلك يعرف عن قرب قصة صديقه ديفيد بيكهام الذي انتقل عام 2007 للعب في أمريكا براتب يساوي 7 مليون دولار (وقد كان راتبه في مدريد 20 مليون دولار) ولكن الصناعة الأمريكية جعلت مداخيل بيكهام تتجاوز ال 50 مليون دولار خلال سنوات قليلة، بل أنه هنأ بيكهام في عام 2018 بتأسيس نادي انتر ميامي وقال له في مقطع على انستقرام  فيما بدا انه يمزح أنه قد يلعب في فريقه يوماً ما! اذا يجب الا يتفاجئ أحد إن كان اخر عقد لميسي مع فريق امريكي.

ميامي كانت الخيار الأسهل والأفضل لميسي

بهذه المعطيات، تصبح فلوريدا بأكثريتها اللاتينية الذين يشبههم ويشبهونه، وميامي التي يزورها سنوياً ويملك فيها بيت فاخر، والدوري الأمريكي بتنافسيته القليلة، والسوق الأمريكي الضخم بملياراته التي تصرف سنوياً في الرياضة وصناعتها، وأمريكا باستضافتها للكوبا بعد سنة ولكأس العالم 2026، كل هذه المعطيات تجعل ميامي الخيار الأسهل والأفضل ليبدأ فيه مشروع (ميسي شو) وهذا الذي حدث لم يكن قرار يومين، من المؤكد أن المفاوضات كانت منذ مدة طويلة، فالعرض الأمريكي الذي سمعنا عن بعض بنوده ويشمل اتحاد كرة القدم وشركات بحجم ابل واديداس لا يمكن ان يتم صياغته في أيام. أن يكون له ملكية في الدوري ونسبة من المشاهدات والحضور ونسبة من مبيعات اديداس وغيرها من الامتيازات بما فيها امكانية تأسيس نادي كما فعل بيكهام، كل ذلك يجعلنا نقول أن ميسي لم يضح بأي شيئ، ميسي سيحصل على مبالغ في أمريكا خلال السنوات القادمة أكثر من أي بلد في العالم، وسيحصل على حياة هو يعرفها ويمني نفسه بها منذ سنوات، وسيحصد ثمار نجاحه وتعبه على المستوى الشخصي والاسري والاحترافي، فأمريكا ليست كأي مكان، في تلك الأرض، عندما تكون من المشاهير، فسيتم استثمارك بأفضل ما يمكن.

اذاً لا غرابة أن يرفض ميسي عرض برشلونة العاطفي جداً، ولا غرابة كذلك أن يضحي بالعرض السعودي الذي يستطيع أن يجني أكثر منه خلال السنوات القادمة، فمستقبل (ميسي شو) هناك على الشواطئ الذهبية في ميامي بيتش! ترقبوا يا جمهور ميسي أن تروه بشكل مختلف، سنراه في الاوسكار في أول الصفوف، وفي مباريات البيسبول، وفي السوبر بول، وفي ملاعب القولف والتنس،  ومن المؤكد أن هوليوود تتجهز لهذا القادم الجديد بأفضل مالديها.

شكراً ميسي

شكراً ميسي على سنواتك الجميلة في كرة القدم، فكلنا نعلم قيمتك كلاعب، وكلنا نعرف أن القادم ليس كرة قدم حقيقية، من حقك الآن أن ترتاح على شواطىء كي وست وتمارس ما تحب بالطريقة التي تحبها مع أسرتك وبين أهلك وناسك، ولكن أيضاً عليك أن تنتبه، فحياة المشاهير في أمريكا ليست دائماً وردية!

وباء كورونا: ثمن السياسات الخاطئة!

الماضي:

بعد اعلان انفجار المفاعل النووي تشرنوبل عام ١٩٨٦ في أوكرانيا، اجتمع قادة الحزب الاشتراكي في المنطقة المنكوبة يناقشون المشكلة التي حلت بهم. كان بين فريق إدارة الأزمة خبير نووي أخبرهم أن معدل الاشعاع كارثي وأنه سيهلك ملايين البشر، وسيجعل المنطقة غير قابلة للحياة لعشرات السنين!  غضب قائد الحزب، بل إن جميع الرفاق غضبوا منه، كيف يسمح لنفسه أن يقول مثل هذا الكلام الخطير والذي قد يستفيد منه الأعداء؟ كيف يجرؤ على نشر إشاعات ترعب الناس؟ بدأ قائد الحزب يشرح: عندما يبدأ الناس بالخوف فإنهم يسألون الكثير من الأسئلة، إنهم لا يبحثون عن إجابات محددة، بل يبحثون عن شيء يخيفهم أكثر، هذا السلوك سيجعلهم يفقدون عقولهم…. على الدولة أن تحافظ على الناس وعلى سلامة عقولهم وعلى الهدوء، لذلك على الناس أن يتوقفوا عن الأسئلة ويهتموا بشؤونهم الخاصة، وعلى الدولة أن تهتم بشؤون الدولة!  مقتبس بتصرف، مسلسل تشرنوبل 2019

الحاضر:

في أواخر ٢٠١٩ بدأت بوادر كارثة فيروس كورونا تضرب الصين ثم العالم.

عندما سارع طبيب العيون الصيني الدكتور لي وينليانغ بالكشف عن فيروس جديد، كيف تعاملت معه الحكومة الصينية؟ نعم… بنفس الطريقة التي تعامل فيها قادات الحزب الاشتراكي السوفيتي في الثمانينات مع العالم النووي، بل إن هناك تقارير صحفية تقول إن الدكتور لي تعرض للتعذيب مما أجبر الحكومة الصينية أن تتقدم باعتذار رسمي لعائلته، وهو سلوك نادر الحدوث، أعني أن تعتذر الحكومة الصينية من أحد مواطنيها، ولكن جميع التقارير أثبتت أن الدكتور لي وجميع الصحفيين الذين اعتقلتهم الحكومة بتهمة نشر الإشاعات كانوا على حق وأن (الرفاق) ارتكبوا كارثة ليس بحق الدكتور لي فحسب، ولا بحق الصين فقط، وإنما بحق البشرية كلها.

عندما نذكر مثالين لبلدين اشتراكيين فيجب أن نكون منصفين ونسلط الضوء على الفريق الآخر، الرأسمالية ورواد الديموقراطية في العالم، أعني أوروبا. كتبت إحدى الصحف الغربية تعليق جاء فيه (لو كانت الصين بلد متحضر يراعي حرية التعبير، لكنا لم نعرف شيء يدعى أزمة فيروس كورونا). إن الدول الأوربية حتى لحظة كتابة هذه السطور هي أكثر الدول معاناة من جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وتحديداً بالقارة العجوز. إن الكارثة التي حدثت في إيطاليا، وتسير على خطاها بعض الدول الاوربية، ستغير خريطة القارة وستلغي وهم المصير المشترك والوحدة الأوربية. لقد كشف وباء كورونا عن هشاشة ما يعرف بالاتحاد الأوربي، فهاهي التشيك تسرق معدات طبية مرسلة لإيطاليا وهاهي المانيا ترفض تصدير أقنعة ومعدات طبية لجارتها المنكوبة إيطاليا بحجة عدم الكفاية، هكذا اذاً، تم التخلي عن أعرق الدول الأوربية وأقدمها حضارة عند أول اختبار. بينما هناك على الطرف الآخر تسخر بنا الحياة مرة أخرى عندما تتبجح الصين بمد يدها لصربيا، نفسها الصين التي تقول بعض التقارير الإعلامية أنها ارتكبت كوارث بحق شعبها في مدينة ووهان، هاهي تأخذ دور البطولة في سلوك سياسي ظاهره الرحمة وباطنه أشياء أخرى، ليختتم الرئيس الصربي هذا المشهد الساخر مصرحاً (إن التضامن الأوربي خرافة على الورق وأن الصين هي صديقنا الحقيقي) مقبلاً العلم الصييني في مشهد ميلودرامي يذكرنا بمسرحيات انطون تشيخوف!

إن الإنفلات الذي حدث في بعض دول اوروبا ويحدث هذه الأيام في أمريكا وعدم قدرة الحكومة على فرض نظام مثل حظر التجول لساعات سببه أمرين: أولاً لأن هذه الحكومات تأخرت كثيراً في التحذير وفرض هذا النوع من التنظيم وذلك لاعتبارات اقتصادية، هكذا هي الرأسمالية، الاقتصاد أولاً وثانياً وثالثاً. السبب الثاني أن الأدبيات الغربية تعلي قيمة الحرية كسلوك فردي وكذلك سلوك اقتصادي، هذا التعزيز للفردية تجعل كل شخص مسؤول عن نفسه وعن قراراته حتى لو كان القرار أن يتجول وهو مريض ويعدي الآخرين، وهذا ما حدث في إيطاليا تحديداً، هذا المفهوم المتطرف للحرية الفردية جعل الدولة تعجز عن فرض النظام والقانون كتشريع يقضي بحظر التجول والذي يحتاج لجولات برلمانية قبل إقراره، وعندما يتم إقراره من سيلتزم به؟  فالمواطن لا يثق في الحكومة التي انتخبها، لأنه يعرف تماما أن مقاييس الحكومة ليست دائماً في صالحه.

تحدثنا في الجزء الأول عن الصين، عن الحرية المتطرفة للحكومة في عمل ما تريد بشعبها، ثم انتقلنا لنشاهد كيف عانت اوروبا ورأينا كيف يمكن ان تكون الحرية المطلقة للشعب سبب في الدمار، دعونا الآن ننظر بشيء من الإنصاف وكثير من الفخر كيف تعاملت الحكومة السعودية والشعب مع أزمة كورونا؟ وسأترك لكم الخيال لتقارنوا ما حدث ويحدث مع جارتنا الشرقية وكيف أن (جهل الحكومات) قد يتسبب في هلاك الشعوب المغلوب على أمرها كالشعب الإيراني الذي يدفع ثمن حكومة جاهلة وظالمة ومعتدية على جوارها وشعبها.

في مثل هذه الظروف، تأتي أهمية ثقة الشعب بالحكومة، هذه الثقة التي لا يمكن أن تحدث في يوم وليلة، إن إحساس الشعب أن حكومته موجوده لتحميه، لتستبق الأحداث، لتشاركه القرارات وأسبابها بكل وضوح، يجعل الجميع على قدر عالي من المسؤولية. أراهن على أن هناك حوار صامت داخل عقل كل مواطن سعودي، يقول فيه (الحكومة تبذل كل ما تستطيع من أجلي ومن أجل عائلتي ومن أجل جيراني وقريتي ومدينتي) هذا الاطمئنان هو الذي جعل الملايين يتصرفون بهدوء وحكمة، لم نجد هلع وتسابق على المحلات، حتى عندما أطل الملك حفظه الله يخبرنا أن الأيام القادمة ستكون صعبة وقاسية، وعندما تم فرض القوانين، قال جميع المواطنين بصوت واحد (سمعاً وطاعة). إن ما تقوم به حكومتنا في المملكة العربية السعودية  هو تصرف مسـؤول ويدعوا للفخر، والذي يدعو للفخر أكثر هو التصرف المسؤول من أغلب فئات المجتمع. إن حكومتنا تعرف يقينا أن غياب المعلومة هو مرتع خصب للشائعات، وأن عدم خروج التصاريح بشكل دوري ودقيق سيجعل رسالة واتس اب تبث الذعر في الملايين، لذلك كانت الحكومة متنورة أكثر ومسؤولة أكثر بل وحريصة أكثر من أغلب حكومات العالم، حيث أخبرتنا منذ اليوم الأول بعدد الحالات ومكانها وماذا يحدث، وهذه ليست المرة الأولى، حدث ذلك منذ أيام حمى الوادي المتصدع عام ٢٠٠٠، وبعدها بسنوات مع كورونا الشرق الأوسط عام ٢٠١٢، والآن يحدث مرة أخرى، هذه الثقافة المسؤولة والصريحة والشفافة تجعلنا نثق في قيادتنا وننقل هذه الثقة لأسرنا وأهلنا، فكما أن الشك والخوف معدي، كذلك الثقة والشجاعة!

لن نحاول أن نبحث عن احتمالية الحرب البيولوجية وهل بدأ الفيروس من أمريكا أم من الصين أم من مكان آخر، ستظل جميع التكهنات ممكنة  ولا مجال للحصول على أي جواب قطعي. لكن الأكيد هو أن وباء كورونا سيعيد تشكيل العالم اقتصادياً وسياسياً وحتى ثقافياً. إن من كان يراهن على حضارة وثقافة أوروبا والغرب باعتبارها النموذج الأكمل لما وصلت له الإنسانية سيعيد النظر في ذلك. هذه الدول التي كانت قبل سنوات قليلة تنصب المحاكم لنا وتعطينا دروس في الحقوق والواجبات ووتعلمنا كيف يجب ان تكون العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي أول من خذل شعوبها حينما حانت لحظة الحقيقة. هذه المثاليات التي حاول الغرب تسويقها منذ عقود بدأت تتساقط شيئاً فشيئاً مع كل ازمة تلامس حياتهم، أما الآن فهاهي تسقط السقوط الأخير وتتهاوى في أقل من شهر بسبب كائن ضئيل غير مرئي. أنا هنا لا أشمت من أحد، فالنار لم تخمد بعد، وقد تحرق الجميع، ولكننا نعيش واقع مليء بالدروس حتى وإن كانت ذاكرتنا قصيرة. هذا الواقع ترك الباب مفتوح على مصراعيه لجميع الدول أن تتخذ القرارات السياسية التي تناسبها، الصين اتخذت قرارها السياسي، كذلك فعلت اوروبا وأمريكا، ونحن ايضاً اتخذت حكومتنا القرار السياسي الذي أجزم انه بتوفيق الله كان الأفضل.

المستقبل:

قيمة الإنسان مسؤولية عالمية، والعبث بها وانتهاكها قد يؤدي الى نتائج كارثية كالذي حصل مع الطبيب الصيني عندما شخص المرض في بداياته ثم تم قمعه، وبعدها مات، ثم بعد ذلك تقدم الحكومة الصينية اعتذارها! تعتذرون لمن؟ للعالم؟ للكارثة التي حلت بالبشرية بسبب أيدولوجيتكم المشوهة؟ أوليست أبجديات الحزب التي أسسها ماو تونغ تقول (ثقوا بالجماهير!) فشلتم أن تثقوا بفرد متخصص يخبركم عن مرض فتورط العالم كله بسبب حماقتكم.

إن منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية هي ما يحتاج  له العالم اليوم وغداً ليخبرنا ماذا نفعل وكيف نحمي أنفسنا، هذه المنظمة التي من المفروض أنه يعمل بها أفضل العقول وأفضل من يحمون حياة البشر من الأمراض هي من تستحق الدعم الدولي والميزانيات المفتوحة. لعشرات السنين كانت الساحة متروكة لهيئة الأمم المتحدة، تجار الحروب والسلاح والسياسات المزدوجة، كانوا هم من يقودون العالم، أين هم اليوم؟ وممن سنسمع التصريحات التي تخبرنا بالحقيقة؟ من ذلك المبنى الواقع في منهاتن، أم من هناك في جنيف حيث العالم كله ينتظر ماذا يخبرنا به ذلك الأسمر بروفسور الصحة العامة في مواجهة هذه الكارثة؟ أتمنى أن تكون منظمة الصحة العالمية على قدر المسؤولية وتحاول قدر الإمكان أن تتعامل مع المرض بعيداً عن السياسة!

اللهم أعز بلدنا ووفق حكومتنا وأدم علينا وعلى بلدان العالم الصحة والسلامة واكفنا شر هذا الوباء واصرفه عن البشرية.

أمريكا…سبع سنوات من الحياة!

بعد أن عودتنا شركات صناعة الجوالات كنوكيا وغيرها على إصدار أجهزة بأسماء مختلفة، جاءت لنا شركة آبل بطريقة أكثر منطقية وسهولة وفيها يتم ترقيم إصدارات الجوال بشكل تسلسلي نفهم معه مثلاً أن ايفون ٤ افضل من ايفون ٣ وهكذا. هذا الطريقة في التحديث نمارسها أيضا نحن البشر، وهنا أعني أننا نمر بمراحل نمو وتطور في سلوكنا وفهمنا للحياة بحيث نصبح بعد كل فترة شيء مختلف عما كنا عليه من قبل. المراحل الدراسية وما يرتبط معها من تغييرات يعايشها أغلبنا تعتبر مثال حقيقي لمراحل التطور هذه. من هذا المنطلق سأعتبر مرحلتي في سنوات المدرسة هي النسخة التجريبية في الحياة. بعد ذلك انتقلت للرياض ودرست الجامعة وعملت فترة هناك ثم رجعت لمنطقتي وقريتي، حينها أصبحت بالنسبة لزملاء المدرسة وأصدقاء الطفولة شخصية في نسخة محدثة ترتبط بالنسخة الاولى ارتباط مهم ولكنها تختلف عنها اختلاف واضح. بعد أيام سأعود لقريتي ولأصدقائي من النسختين الاولى والثانية اذا جاز التعبير، وبعد غياب لسبع سنوات في امريكا سنعتبر هذه النسخة أيضا على طريقة آبل ، الاصدار الثالث أو Anwar 3.0

هكذا اذاً….جاءت اللحظة التي انتظرتها بلهفة، وخوف، وفرح، وأيضاً بحزن! في هذه الأيام أجمع بعضي وألملم استعداداً للعودة من بلد الابتعاث الولايات المتحدة الامريكيةعائداً لوطني الذي أحبه ويحبني وللناس الذين لولاهم لما أحببت وطني منذ البدء. سبع سنوات قضيتها هنا حققت فيها بتوفيق الله أكثر مما نويته عندما جئت وأنجزت فيها أقل مما استطيع. ولأنه من الصعب جداً أن أجمع كل هذه الرحلة الطويلة والمتعرجة في تدوينة واحدة فسأختار

وداعاً ألومبياد ريو 2016

قبل لحظات أسدل الستار على الومبياد البرازيل  ريو ٢٠١٦  هذه التظاهرة العالمية والتي نشاهدها كل اربع سنوات ( بالمناسبة الألومبياد في الدول المتقدمة يعتبر كل سنتين ..حيث أن هناك الومبياد شتوي لا نكاد نسمع عنه في الجزء العربي من العالم). لا اريد أن اتحدث عن الفشل العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص في هذا الألومبياد لأن الضرب في الميت حرام. ومتأكد ان هناك المئات من المهتمين والذين سيحللون ويكتبون وينظرون ويقولون أكثر مما يجب….ومنذ متى كان التنظير مشكلتنا؟ اذاً سأحاول أن امارس الوثب الطويل والطويل جداً لاتجاوز هذه النقطة وأكتب عن ما جئت أساساً للكتابة عنه…

سأحاول ان أسرد خلاصة الأفكار التي راودتني طيلة أيام الألومبياد على شكل نقاط لأنها في الحقيقة هكذا تولدت وتشكلت في خاطري اثناء المتابعة وهكذا كنت أود مشاركتها ( وسأفعل) كتغريدات في تويتر.

لابد من الجهد والعناء والتعب…وقد لا تصل!

هؤلاء الرياضيين الذين رأيناهم في مختلف الرياضات لم يكونوا ليصلوا لما وصلوا له دون جهد وعناء ودموع أحياناً، منهم من كان طموحه المشاركة ومنهم من جاء لينتزع الذهب…ومنهم المئات الذين كانوا جاهزين لكل شيء لولا لعنة الإصابة التي حرمتهم حلم حياتهم!

في الألومبياد تبرز عظمة الخالق جل في علاه..وعظمة المخلوق!

هؤلاء الذين رأيناهم يفجرون طاقاتهم الجسدية قوة ومرونة هم شاهد لخلق الله الذي أبدع خلقه، هم مثال حي لما يمكن أن يعمله هذا الجسد الذي لدينا مثله، وأيضاً لما يمكن ان يكون عليه هذا العقل من خوف وثقة وطموح وتحدي وتردد وعزيمة في نفس الوقت. هؤلاء الأبطال ومن معهم آمنوا بالإنسان كجسد وروح . بل أعتقد انهم بشكل أو بآخر تجسيد لذلك الإنسان القديم، الذي وجد لوحده ذات يوم وسط العراء واستطاع بجسده أولاً ثم بعقله أن يتكيف وأن يقاتل وأن يفكر وأن يطوع الطبيعة كيما يريد!

المجد للأبطال الحقيقيون…والخزي والعار للمحتالين والانتهازيين!

هذه الألعاب تعطينا أيضاً تصور أكثر عدل عن الحياة…وهو أن الحياة منافسة، ويجب أن تكون منافسة شريفة، لا أحد يحترم المحتالين أو الإنتهازيين…لا مكان لمن يريدون أن يختصروا طريق النجاح…تعلمنا أن للفوز طريق واحد..طريق طويل، صعب، متعرج، ومع ذلك قد لا تصل، وقد لا يحالفك الحظ ايضاً كما شاهدنا عشرات الرياضيين يبكون بحرقة بعد الخسارة. وكذلك ايضاً لم نشعر بأي تعاطف أو احترام  لؤلائك الرياضيين الذين لم يجتازوا اختبارات المنشطات…لأننا بطبيعتنا نكره الظلم…ونكره من يختار الطرق الملتوية والغير نظيفة!

نستطيع أن نتعايش ..إن أردنا ذلك!

أي رياضي حقيقي سيصفق لأي فائز بغض النظر عن دولته او ديانته أو لونه…هكذا تكون ( روحك رياضية) كلاعب أو متابع. ففي هذا العالم الكئيب والذي يعج بالكراهية والدمار والحروب والطائفية..لسنا بحاجة لمن يزيد الاشتعال…رأينا كيف يمكن أن نتعايش رغم كل الاختلافات الكبيرة…نستطيع ذلك فقط لو أردنا، ولو لمدة ١٦ يوم كل ٤ أعوام. الى لقاء قريب في تظاهرة رياضية عالمية قادمة…وداعاً للألومبياد…وموعدنا طوكيو ٢٠٢٠ إن أراد الله.

ختاماً كانت هذه بعض التغريدات التي نشرتها طوال أيام الألومبياد…

خمسة أسباب تجعل المندي غير مسؤول عن السرطان!

 نقرأ ونسمع باستمرار عن اكتشاف علمي يخبرنا أن الأكل الفلاني سيسبب لنا أحد الامراض القاتلة. فمرة نجد اتهام للحم بالتسبب في مرض السرطان ومرة أخرى نقرأ عن ارتباط وثيق بين القهوة وأمراض القلب، ثم خلال أشهر تظهر دراسة اخرى تخبرنا ان القهوة مفيدة للصحة! لماذا كل هذا التشويش وهذه التناقضات؟ لماذا لا نستطيع أن نجد دليل وجبات سهل وواضح يخبرنا أنواع الامراض وكل أكل مسؤول عنه ؟ متى سينتهي العلماء من تناقضاتهم…وهل هم متناقضين أصلاً؟ أم أن الدراسات نفسها التي يقوم بها الباحثون في هذا المجال تعطي نتائج متضاربة!

في هذه التدوينة سأحاول أن اسلط الضوء على الموضوع من زاوية مختلفة وسأخبركم لماذا لم أعد أهتم بأغلب الدراسات التي تربط أكل معين بمرض محدد، ولماذا أريدكم أن لا تهتموا مثلي! سأسرد الاسباب العلمية التي تمنعني من أن اصدق هذه الدراسات مع اقتناعي التام أن أغلب من بحثوا في هذا المجال بحثوا باخلاص محاولين أن يساعدوا البشرية ويحموهم من الأمراض…ولكن هل النية الطيبة وحدها تكفي؟ كأحد المهتمين بالبحث العلمي وبطرق البحث سأذهب بكم في رحلة مفصلة لماذا توصلت لهذه النتيجة تجاه ( أبحاث الأكل والمرض). إذا لم يكن لديك الوقت لقراءة كامل التدوينة سأختصرها لك في سطر: يصعب جداً الربط بين أكل محدد وبين مرض ما…وإذا قرأت عن أي دراسة تحذرك من أن الأكل الفلاني تحديداً سيسبب لك السرطان لا تصدقها ولا تعيرها أي اهتمام!

جميع الدراسات التي تحاول بحث العلاقة بين الأطعمة والأمراض تندرج تحت ما يسمى علمياً بأبحاث علم الاوبئة الغذائية Nutritional Epidemiology ونجد تحديداً أن أغلب الأبحاث التي تطبق على البشر تكون من نوع منها يسمى بالدراسات الوصفية أو ما يعرف بـ observational studies والدراسات الوصفية بجميع تفريعاتها لا تستطيع أن تكشف

سباق الفضاء على طريقة محمد بن سلمان!

بعد ان انتهيت من الاستماع لمقابلة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شعرت بفرح واعتزاز لا أعلم تحديداً ما سببه. أفتح تويتر وأتصفح ردات الفعل المختلفة لعلي أجد مبرر لهذا الشعور الغريب الذي تملكني، ماهذا؟ الأغلب متفائل و مبتهج في تويتر وواتساب! من أين جاءت هذه الطاقة الإيجابية؟  لم يكن هناك إعلان زيادة للرواتب ولا تعديلات وزارية كما تعودنا سابقاً. أعود وأقرأ ملخص لأهم المحاور التي تطرق لها الأمير فأجد أغلبها وعود وتطلعات ومشاريع مستقبلية…اذاً مالذي تغير؟ وماذا حدث؟ وماهي الطلاسم التي القاها علينا هذا الساحر الشاب؟ كيف وصلني تأثيرها وأنا أتابعها هنا لوحدي في قاعة دراسية بولاية أمريكية تبعد الاف الكيلومترات..

وحتى ان اجد جواب لما احسسنا به يوم امس كمواطنين سعوديين، لابد أن اعود بذاكرتي الشخصية اربع سنوات للخلف. كان ذلك في صيف 2012 هناك في ولاية فلوريدا وتحديداً في جامعة جاكسونفيل حيث جمعني حوار عابر مع الدكتور دانييل جدج وهو أحد المشرفين في برنامج الزمالة الطبية. أتذكر جيداً عندما كنت اناقش معه حالة مريض في مكتبه لفت انتباهي كتاب بجانبه عليه صورة الرئيس الامريكي جون كينيدي. هذا الشخص الذي لم أكن أعرف عنه الا القليل لكني سمعت عنه أكثر من أي رئيس أمريكي آخر وكنت قد لاحظت خلال اقامتي في امريكا أن الأمريكيين عموماً يحبون الرئيس كينيدي بطريقة مبالغ فيها نوعاً ما. أخيراً جاءت الفرصة المناسبة للسؤال وبدأت حواري مع أستاذي بالسؤال الذي يبدو انه استفزه، حينها قلت له،

بقالة العم صالح

انتهت صلاة المغرب، وهاهو العم صالح يسير نحو دكانه الذي يبعد عن المسجد مسافة خمس دقائق على الأقدام. هذا الوقت الذي تضاعف أكثر من مرة مع العم صالح ليس بسبب التقدم في العمر فقط وإنما أيضاً بسبب الوزن الزائد، ومعاناته الأخيرة مع مرض السكري، فأصبح يستغرق أكثر من ربع ساعة في الطريق بين دكانه والمسجد. وقبل أن يصل كان محمد عليم، العامل البنقلاديشي، قد سبقه وفتح الدكان وأخرج المقاعد البيضاء ورصفها بنفس الطريقة التي تعود عليها طوال ١٢ سنة…أربعة مقاعد على اليمين و ثلاثة على اليسار، وكرسي العم صالح في الزاوية بحيث يستطيع معه أن يواجه الشارع وأيضاً يشرف على مايدور داخل الدكان في نفس الوقت.

لا أحد يذكر بالتحديد متى بدأت بقالة العم صالح، فهي الشيء الثابت في هذا الحي الذي تغير فيه كل شيء. ومع ذلك لازالت تعتبر مركز الحي النابض بالحياة. البقالة عبارة عن غرفة مستطيلة بحجم صالة بيت لها فتحة واحدة. كمية البضائع فيها ليست كثيرة، ولكنها ليست قليلة أيضاً. فبالرغم من أنها مرخصة كتموينات غذائية إلا انك قد تجد فيها بعض المستلزمات الرجالية، خردوات، وبعض أدوات السباكة. عند قدومك للبقالة فإن رائحة البن والبهارات تستقبلك على بعد امتار.. هذه الرائحة أصبحت بمثابة الماركة المسجلة لكل ما يخرج من بقالة العم صالح. وعندما يأتي موعد مباريات كرة القدم الكبيرة، تتحول البقالة لبوفية..حينها يحمل محمد عليم التلفزيون خارج المحل ويفرش الأرض بالسجاد ويبدأ ببيع السندوتشات للحضور. أغلب البضائع التي في البقالة تكاد تكون لأشخاص معروفين، وكأنها مستودع الحي الكبير. على الجانب الخارجي من باب الدكان هناك رف صغير للصحف يوجد به تحديداً ٦ جرائد عكاظ و ٤ الوطن و٤ الرياض و٣ الرياضية..هذه الصحف معروضة للبيع ولكن