Loading...
All Posts By

admin

ماهو العمر المناسب لبدء علاج تقويم الأسنان عند الأطفال؟

الكثير من الآباء و الأمهات يعتقدون أنه يجب عليهم الانتظار حتى يصبح طفلهم بعمر[ 13-14] عاما حتى تظهر جميع الأسنان الدائمة لبدء علاج تقويم الأسنان لكن هذا مفهوم خاطئ و ذلك لأن العمر الزمني مختلف تماما عن عمر نمو الأسنان و لذلك من المفروض الكشف في سن مبكرة لتحديد الوقت المناسب لبدء علاج التقويم لأنه في أحيان كثيرة نحتاج البدء في عملية تقويم الأسنان قبل ظهور جميع الأسنان الدائمة حسب المشكلة التي نحتاج إلى علاجها.

هل تتعدل مشاكل تناسق الاسنان والفكين من تلقاء نفسها مع النمو؟

الجواب ———- لا..
حيث أغلب مشاكل تقويم الأسنان تحتاج إلى تدخل لعلاجها لأن النمو لوحده لا يكفي لذلك كلما كان التدخل مبكرا كلما كانت النتائج أفضل و الحل أسهل .

كيف يؤثر التنفس من الفم على تشكل عظام الوجه والفكين وانتظام الأسنان؟

طبعا نعرف في مراحل النمو التنفس السليم و الصحيح يكون من خلال الأنف هذا يؤدي إلى تناسق في نمو عظام الوجه و الفكين و ذلك لأن العكس و هو التنفس من الفم غالبا هؤلاء الأطفال تجد عندهم شخير أيضا يسبب ذلك عدم اتزان في نمو عظام الوجه و الفكين حيث تجد العضلة مفتوحة ‘اللثة بارزة ‘استطالة في الوجه أو ما يعرف ب (adenoid face ) تجد الأسنان نفسها لا يوجد بها انتظام . كل هذه المشاكل السابقة يمكن تجنبها في حال تم أخذ الطفل إلى أخصائي أنف و أذن و حنجرة لكي يزيل المانع الذي جعل الطفل يتنفس من فمه و أيضا اذا احتاج علاج فطبيب التقويم يستطيع التحكم في نمو الفكين بشكل مناسب في المرحلة المبكرة .

ماهي اسباب عدم انتظام الأسنان؟

بعض الأسباب تكون وراثية سواء من الأب أو من الأم ولكن أغلب الأسباب هي مكتسبة أي أنها ظهرت أثناء نمو الطفل
مثل عادة مص الإصبع و هي تؤدي إلى مشكلة في نمو الفك العلوي وفي الأسنان. وأيضاً عادة التنفس من الفم هي مشكلة كبيرة تؤدي إلى العديد من المشاكل.
وأيضا بعض المشاكل الأخرى كالأسنان اللبنية حيث سقوط هذه الأسنان مبكرا تؤدي لخلق فراغ و هذا الفراغ يسبب مشكلة في انتظام الأسنان و أيضا أحيانا عدم سقوط الأسنان اللبنية يؤدي إلى ظهور أسنان دائمة تخرج في مكان خاطئ
هذا يوصلنا إلى أن جميع هذه الأسباب التي يستطيع فهمها و وفهم تفاصيلها وتوابعها هو طبيب التقويم المختص ولذلك يجب الكشف لمعرفة الاسباب والتشخيص ومن ثم العلاج المناسب

هل هناك علاقة بين الكشف المبكر وعلاج تقويم الأسنان المبكر للأطفال؟

زيارة الطفل لعيادة تقويم الأسنان في البداية هي زيارة ودية مجرد تعداد للأسنان والتأكد من أن جميع الأسنان موجودة و متناسقة و أيضا يتم التأكد من أن نمو الفكين يتم بشكل طبيعي. أما في حال وجود أي مشكلة بعدها يتم تحديد الوقت المناسب لعلاجها فالذي يجب على الآباء معرفته هو أن الكشف المبكر في عيادة تقويم الأسنان لا تعني بالضرورة العلاج المبكر و إنما هي السيطرة على المشكلة بحال وجودها. إذا الأمور جيدة ولا يوجد أي مشكلة فسوف تكون زيارة عادية خفيفة ان شاء الله تعالى .

هل يحتاج الطفل لعلاج تقويم الأسنان ؟

الأب أو الأم يصعب عليهم تحديد الحاجة لعلاج التقويم عند أطفالهم بسبب أن أغلب الحالات يصعب عليهم تشخيصها لذلك من الأفضل الكشف على الطفل من  قبل طبيب تقويم مختص لكي يحدد الحاجة إلى العلاج و الوقت المناسب. ويعتبر أفضل عمر حسب رأي  الجمعية الأمريكية لتقويم الأسنان هو العمر ما بين 7 إلى 8 سنوات من عمر الطفل .

ما هي فوائد تقويم الأسنان ؟

 

تقويم الأسنان فائدته واضحة جدا سواء من ناحية أن تكون الأسنان منتظمة بشكل مناسب سواء عند الكبار أو عند الأطفال يسهل تنظيف الأسنان ويسهل العناية بالأسنان وبالتالي يزداد العمر الافتراضي للأسنان وإن شاء الله يستمر مع الشخص إلى بقية حياته.

ولكن الجميل بأنهم وجدوا في بعض الدراسات بأن الناس التي أسنانها منتظمة بشكل مناسب تزداد ثقتهم في أنفسهم وقبولهم لابتسامتهم وشكلهم وبالتالي هذه فائدة نفسية مهمة نحصل عليها مع علاج تقويم الأسنان.

ما هو تخصص تقويم الأسنان ؟

 

تخصص تقويم الأسنان أو تخصص تقويم الأسنان وعظام الفكين هو تخصص يعنى بترتيب الأسنان وتنظيمها وتنسيقها سواء تنسيق الأسنان فيما بينها أو تنسيق عظام الفكين مع عظام الوجه سواء كان هذا للكبار أو للصغار.

طبعا تخصص تقويم الأسنان لابد أن يمارس المختص (3 – 4 سنوات) من التدريب المكثف بعد إنهاء كلية طب الأسنان حتى يكون مصرح له أو متمكن لمزاولة هذا العمل ، فهو التخصص الوحيد في تخصصات طب الأسنان الذي لا بد وأن يكون مختص الشخص الذي يقوم به ، لأ، طبيب الأسنان أو الطبيب العام غالبا لا يكون عنده المعرفة لعمل التقويم المناسب

الابتكار في الجامعات السعودية: النماذج الحالية والنموذج المفقود!

 قبل حوالي سنتين ونصف كتبت مقالة عنوانها (لماذا يجب على الجامعات التركيز على دعم بيئة ريادة الأعمال دون أن تأخذ دور القيادة؟). ذكرت  في تلك المراجعة التحليلية أهم نقاط القوة والضعف التي يراها الخبراء والمختصون في مفهوم الريادة والابتكار في الجامعات. في هذه المقالة والتي أعتبرها امتداد للمقالة السابقة، وبعد وقت كافٍ من المتابعة والرصد لمراكز الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات السعودية، وجدت ثلاثة  أنواع من مراكز الابتكار في جامعاتنا، في هذا المقال سأذكر النماذج الثلاثة الأكثر شيوعا مع ذكر مثال على كل نوع ثم سأتطرق للنوع الرابع الذي لم يوجد لدينا بعد ولماذا أعتقد أنه نوع مختلف و يجب تبنيه!

النوع الأول: مراكز ريادة الأعمال:

في هذا النوع، وهو الأكثر انتشار، تدور فكرة الابتكار حول مفهوم ريادة الأعمال بشكل رئيسي، نجد في هذا النموذج أن المركز يتحدث لغة البزنس ويشجع على بدء شركات ناشئة. في هذه المراكز تكون لغة إدارة الأعمال وأدبياتها هي المسيطرة، فيكون الحديث للطلاب وغالباً طلاب البكالوريوس عن أفكار تجارية يحتاجها سوق العمل. رسالة هذا النوع من المراكز أنك ستأتي أيها الطالب بفكرة تجارية وسنساعدك في تحويلها لشركة ناشئة وستدعمك الجامعة في ذلك مقابل أن يكون لها نصيب من هذا الاستثمار.

هل نجح هذا النموذج لدينا؟ وحتى لا نكون عاطفيين أو نتسرع بالحكم دعونا ننظر كيف يقيس الغرب وتحديداً في أمريكا نجاح هذا النوع من المراكز، إنهم يقيسونه بعدد الشركات الناشئة التي خرجت من رحم هذه المراكز  spin off companies ومدى نجاحها واستمراريتها، لذلك كي تعرف هل نجح مركز الابتكار في الجامعة الفلانية عليك أن تسأل كم عدد الشركات الناشئة التي ساعد في إطلاقها؟ وإذا حاولنا تطبيق نفس السؤال على مراكز الابتكار من هذا النوع  فإنك ستجد أن أغلب الجامعات تفشل في تجاوز هذا الاختبار ويظل المركز يحاول ويحاول ولكنه يصطدم بمعوقات وعثرات أكبر منه.

هل يوجد لدينا مثال ناجح لهذا النوع من المراكز؟ الجواب نعم، هنا يبدو أن الاستثناء هو القاعدة، لقد قطعت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) شوط كبير في الابتكار وأطلق مركز الابتكار في كاوست عدد من الشركات الناشئة ولازال المركز مؤهل لعمل المزيد، لماذا؟ لأن البيئة الريادية هناك (ecosystem) تعتبر الأنضج بين جميع جامعات المملكة، فإذا كانت جامعتك لديها بيئة مشابهة أو قريبة من بيئة كاوست فألف مبروك اختيارك لهذا النموذج، لأنك غالباً ستحقق بعض النجاحات اذا تم توظيف الإمكانات والقدرات بشكل مناسب.

النوع الثاني وهو مركز الابتكار المتحالف مع الشركات الصناعية:

 في هذا النوع يستفيد مركز الابتكار من وجوده المكاني بالقرب من شركة ذات إمكانيات كبيرة فيكيف نفسه ليتلاءم مع توجهات هذه الشركة ويحقق أهداف المركز. مثال على ذلك مركز الابتكار في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والشراكة التي يعقدها مع شركات بحجم أرامكو، لذلك لا نستغرب اذا وجدنا أن عدد براءات الاختراع التي تنتجها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يفوق ما تنتجه الدول العربية! فمنذ عام ٢٠٠٦ ركزت الجامعة على هذا النوع من البراءات واستطاعت أن تنافس دول في عدد ونوعية براءات الاختراع المنبثقة عن شراكات مع القطاع الصناعي. إن ما يعرف في عالم الريادة بالميزة الغير قابلة للمنافسة (uncompetitive advantage) والتي تحظى بها الجامعة تمكنها من ذلك. اذاً هو  ذكاء ووعي من إدارة الجامعة أن كيفت نفسها مع هذا النوع من الشراكات وركزت على نوع معين من الابتكارات يتوافق مع طبيعة الجامعة وسوقها المستهدف.

النوع الثالث هو مراكز الابتكار التي ركزت على براءات الاختراع الجامعية:

في هذا النوع تجد أن الجامعة حريصة على تحويل الأفكار والأبحاث لاختراعات يمكن الحصول فيها على حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع، بغض النظر عن ما يحدث لهذه البراءة مستقبلاً، تجد أن هذه المراكز نجحت في انتاج عدد لا بأس به من براءات الاختراع وتحديداً المسجلة في المكتب الأمريكي، هذا النوع من التركيز له ميزات تنافسية بحيث يصبح كل بحث جيد أو فكرة جيدة  قابلة للتحويل لبراءة اختراع بمجرد وجود الميزانية المتاحة! فكما يعلم أي مهتم ببراءات الاختراع، يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية مكاتب محاماة متخصصة للمساعدة في صياغة الفكرة وتسجيلها قانونياً في مكتب براءات الاختراع الأمريكية. هذا النوع من المراكز نجد مثاله في جامعات عريقة مثل جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز، يبقى امام هذا النوع من المراكز تحدي آخر وهو تسويق البراءات للمهتمين وتحويلها لمنتجات صناعية ذات قيمة تجارية، وهذا تحدي ضخم جداً يحتاج لسنوات من العمل.  فإذا كانت الجامعة لديك تتميز بوجود نخبة من الباحثين المميزين وكذلك يوجد ميزانية جيدة  لتحويل ابحاثهم وافكارهم لبراءات اختراع، فهذا النموذج  يرسم لك طريق واضحة لنوع محدد من الابتكارات وهو براءات الاختراع.

ولكن ماذا لو لم تكن قريب من أرامكو مثل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن؟ ولا يوجد لديك موارد  مثل جامعتي الملك سعود والملك عبدالعزيز؟ ولا تتمتع ببيئة ابتكارية استثنائية مثل جامعة كاوست؟ هذا يقودنا لنوع آخر من مراكز الابتكار لم نره بعد في جامعاتنا وهو ما يعرف بالابتكار  الجامعي Innovative University

النوع الرابع: مراكز الابتكار الجامعي Innovative University

 تركز هذه الجامعات على تطوير كل ماله علاقة مباشرة بمهام الجامعة الرئيسية وهي التعليم والبحث وخدمة المجتمع. انتبهت هذه الجامعات أنها تحتاج لأن تبتكر لكي تجذب الطلاب اليها، وتحتاج أن تبتكر لتؤثر في مجتمعها وتحتاج أن تبتكر لترفع قيمة أصولها وتعزز مواردها وتحتاج أن تبتكر لتستفيد من أساتذتها والعاملين فيها. عندما نجحت هذه الجامعات في ابتكار طرق حديثة للتعليم وطرق مبتكرة لدمج الطلاب وتحسين مستوياتهم و رفع مهاراتهم استطاعت بعد ذلك أن تسوق لبرامجها التعليمية والبحثية والخدمية وتتميز فيها. نتيجة لكل ذلك، تكون لديها منظومة إبداعية متكاملة أصبحت بيئة جاذبة لأفضل الطلاب وأفضل الأساتذة، وبالتالي خلقت بيئة محفزة للابتكار! وفقط عندما استطاعت أن تخلق بيئة محفزة للابتكار، انطلقت في كل المجالات، فخرجت منها شركات ريادية، وحصدت الاختراعات، وتبنت ممارسات ذكية وجديدة في التعليم وفي دعم الأبحاث وخدمة المجتمع جعلها مستعدة للمستقبل وللتغيرات التي يشهدها قطاع التعليم الجامعي.

 من الأمثلة على هذا النوع، جامعة ولاية اريزونا، استطاعت هذه الجامعة أن تفوز بأكثر جامعة ابتكارية لسبع سنوات متتالية، ليس لأنها أنتجت العدد الأكبر من براءات الاختراع، وإنما لأنها غيرت التجربة الجامعية على جميع الأصعدة، عندما سُئل رئيس الجامعة، ماذا يعني الابتكار في جامعة ولاية اريزونا، كان جوابه ” الابتكار جزء من DNA جامعة اريزونا، نحن متشوقين دائماً لدعم الأفكار الجديدة في مجالات التدريس والأبحاث والشراكة المجتمعية” فبمجرد تصفحك لموقع الجامعة ستعرف أنهم كسروا  الكثير من القيود لدرجة أنهم أطلقوا على أنفسهم لقب (الجامعة الأمريكية الجديدة).

أما جامعة ستانفورد العريقة، فتعتبر من أوائل الجامعات التي اهتمت بدراسة وتعليم الابتكار  ويعتبرون رواد ما يعرف بالتفكير  التصميمي Design Thinking  حيث تقوم الجامعة بتدريس طلابها وأساتذتها، بغض النظر عن التخصص، طريقة التفكير التصميمي والذي أصبح مدخل علمي لطريقة تفكير ابتكارية تساعد على فهم تجربة المستفيد وتقديم الحلول، سواء كان هذا المستفيد طالب في كلياتها، أو باحث في معاملها، أو مريض في مستشفياتها، فإنه حتماً سيجد تجربة مختلفة بدأت فكرتها من معمل الأفكار الابتكارية في الجامعة.

ماذا تحتاج الجامعة لتشغيل هذا النوع من مراكز الابتكار ؟

تحتاج لفريق عمل يفهم اساسيات الابتكار والابداع ويرسم استراتيجية الابتكار بطريقة تطبق أصول الممارسات الابتكارية والابداعية وينقل أفضل الممارسات العالمية. تحتاج لمركز ابتكار يتصرف كأنه شركة ناشئة داخل الجامعة، يحلل ويدرس مناطق الألم في الجامعة، يفهم تجربة المستخدم فيها ويجرب حلول ابتكارية وكأنه يجرب منتجات في شركة ناشئة فيعدل ويغير ويفشل وينجح تماماً مثل أي شركة ناشئة ترحب بالاستكشاف والتجربة.

إن أي جامعة لن تنجح في خلق “الابتكار الجامعي” ما دامت تؤدي مهام الجامعة الرئيسية بطريقة تقليدية، فالبيروقراطية والقيود التي يعيشها الواقع الجامعي تقتل بيئة الابتكار! الابتكار منتج فكري ابداعي، والمنتجات الفكرية تحتاج أن يتم تبنيها في بيئة تسمح بالخطأ وتشجع على تجربة المجهول.

ختاماً، وللقراءة أكثر عن الابتكار في الجامعات، أحيل القارئ لعراب الابتكار وصاحب أشهر كتب الابتكار The Innovator’s Dilemma بروفسور إدارة الأعمال بجامعة هارفارد Clayton Christensen  في كتابه المختص بالابتكار في الجامعات The Innovative University: Changing the DNA of Higher Education from the Inside Out

وباء كورونا: ثمن السياسات الخاطئة!

الماضي:

بعد اعلان انفجار المفاعل النووي تشرنوبل عام ١٩٨٦ في أوكرانيا، اجتمع قادة الحزب الاشتراكي في المنطقة المنكوبة يناقشون المشكلة التي حلت بهم. كان بين فريق إدارة الأزمة خبير نووي أخبرهم أن معدل الاشعاع كارثي وأنه سيهلك ملايين البشر، وسيجعل المنطقة غير قابلة للحياة لعشرات السنين!  غضب قائد الحزب، بل إن جميع الرفاق غضبوا منه، كيف يسمح لنفسه أن يقول مثل هذا الكلام الخطير والذي قد يستفيد منه الأعداء؟ كيف يجرؤ على نشر إشاعات ترعب الناس؟ بدأ قائد الحزب يشرح: عندما يبدأ الناس بالخوف فإنهم يسألون الكثير من الأسئلة، إنهم لا يبحثون عن إجابات محددة، بل يبحثون عن شيء يخيفهم أكثر، هذا السلوك سيجعلهم يفقدون عقولهم…. على الدولة أن تحافظ على الناس وعلى سلامة عقولهم وعلى الهدوء، لذلك على الناس أن يتوقفوا عن الأسئلة ويهتموا بشؤونهم الخاصة، وعلى الدولة أن تهتم بشؤون الدولة!  مقتبس بتصرف، مسلسل تشرنوبل 2019

الحاضر:

في أواخر ٢٠١٩ بدأت بوادر كارثة فيروس كورونا تضرب الصين ثم العالم.

عندما سارع طبيب العيون الصيني الدكتور لي وينليانغ بالكشف عن فيروس جديد، كيف تعاملت معه الحكومة الصينية؟ نعم… بنفس الطريقة التي تعامل فيها قادات الحزب الاشتراكي السوفيتي في الثمانينات مع العالم النووي، بل إن هناك تقارير صحفية تقول إن الدكتور لي تعرض للتعذيب مما أجبر الحكومة الصينية أن تتقدم باعتذار رسمي لعائلته، وهو سلوك نادر الحدوث، أعني أن تعتذر الحكومة الصينية من أحد مواطنيها، ولكن جميع التقارير أثبتت أن الدكتور لي وجميع الصحفيين الذين اعتقلتهم الحكومة بتهمة نشر الإشاعات كانوا على حق وأن (الرفاق) ارتكبوا كارثة ليس بحق الدكتور لي فحسب، ولا بحق الصين فقط، وإنما بحق البشرية كلها.

عندما نذكر مثالين لبلدين اشتراكيين فيجب أن نكون منصفين ونسلط الضوء على الفريق الآخر، الرأسمالية ورواد الديموقراطية في العالم، أعني أوروبا. كتبت إحدى الصحف الغربية تعليق جاء فيه (لو كانت الصين بلد متحضر يراعي حرية التعبير، لكنا لم نعرف شيء يدعى أزمة فيروس كورونا). إن الدول الأوربية حتى لحظة كتابة هذه السطور هي أكثر الدول معاناة من جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وتحديداً بالقارة العجوز. إن الكارثة التي حدثت في إيطاليا، وتسير على خطاها بعض الدول الاوربية، ستغير خريطة القارة وستلغي وهم المصير المشترك والوحدة الأوربية. لقد كشف وباء كورونا عن هشاشة ما يعرف بالاتحاد الأوربي، فهاهي التشيك تسرق معدات طبية مرسلة لإيطاليا وهاهي المانيا ترفض تصدير أقنعة ومعدات طبية لجارتها المنكوبة إيطاليا بحجة عدم الكفاية، هكذا اذاً، تم التخلي عن أعرق الدول الأوربية وأقدمها حضارة عند أول اختبار. بينما هناك على الطرف الآخر تسخر بنا الحياة مرة أخرى عندما تتبجح الصين بمد يدها لصربيا، نفسها الصين التي تقول بعض التقارير الإعلامية أنها ارتكبت كوارث بحق شعبها في مدينة ووهان، هاهي تأخذ دور البطولة في سلوك سياسي ظاهره الرحمة وباطنه أشياء أخرى، ليختتم الرئيس الصربي هذا المشهد الساخر مصرحاً (إن التضامن الأوربي خرافة على الورق وأن الصين هي صديقنا الحقيقي) مقبلاً العلم الصييني في مشهد ميلودرامي يذكرنا بمسرحيات انطون تشيخوف!

إن الإنفلات الذي حدث في بعض دول اوروبا ويحدث هذه الأيام في أمريكا وعدم قدرة الحكومة على فرض نظام مثل حظر التجول لساعات سببه أمرين: أولاً لأن هذه الحكومات تأخرت كثيراً في التحذير وفرض هذا النوع من التنظيم وذلك لاعتبارات اقتصادية، هكذا هي الرأسمالية، الاقتصاد أولاً وثانياً وثالثاً. السبب الثاني أن الأدبيات الغربية تعلي قيمة الحرية كسلوك فردي وكذلك سلوك اقتصادي، هذا التعزيز للفردية تجعل كل شخص مسؤول عن نفسه وعن قراراته حتى لو كان القرار أن يتجول وهو مريض ويعدي الآخرين، وهذا ما حدث في إيطاليا تحديداً، هذا المفهوم المتطرف للحرية الفردية جعل الدولة تعجز عن فرض النظام والقانون كتشريع يقضي بحظر التجول والذي يحتاج لجولات برلمانية قبل إقراره، وعندما يتم إقراره من سيلتزم به؟  فالمواطن لا يثق في الحكومة التي انتخبها، لأنه يعرف تماما أن مقاييس الحكومة ليست دائماً في صالحه.

تحدثنا في الجزء الأول عن الصين، عن الحرية المتطرفة للحكومة في عمل ما تريد بشعبها، ثم انتقلنا لنشاهد كيف عانت اوروبا ورأينا كيف يمكن ان تكون الحرية المطلقة للشعب سبب في الدمار، دعونا الآن ننظر بشيء من الإنصاف وكثير من الفخر كيف تعاملت الحكومة السعودية والشعب مع أزمة كورونا؟ وسأترك لكم الخيال لتقارنوا ما حدث ويحدث مع جارتنا الشرقية وكيف أن (جهل الحكومات) قد يتسبب في هلاك الشعوب المغلوب على أمرها كالشعب الإيراني الذي يدفع ثمن حكومة جاهلة وظالمة ومعتدية على جوارها وشعبها.

في مثل هذه الظروف، تأتي أهمية ثقة الشعب بالحكومة، هذه الثقة التي لا يمكن أن تحدث في يوم وليلة، إن إحساس الشعب أن حكومته موجوده لتحميه، لتستبق الأحداث، لتشاركه القرارات وأسبابها بكل وضوح، يجعل الجميع على قدر عالي من المسؤولية. أراهن على أن هناك حوار صامت داخل عقل كل مواطن سعودي، يقول فيه (الحكومة تبذل كل ما تستطيع من أجلي ومن أجل عائلتي ومن أجل جيراني وقريتي ومدينتي) هذا الاطمئنان هو الذي جعل الملايين يتصرفون بهدوء وحكمة، لم نجد هلع وتسابق على المحلات، حتى عندما أطل الملك حفظه الله يخبرنا أن الأيام القادمة ستكون صعبة وقاسية، وعندما تم فرض القوانين، قال جميع المواطنين بصوت واحد (سمعاً وطاعة). إن ما تقوم به حكومتنا في المملكة العربية السعودية  هو تصرف مسـؤول ويدعوا للفخر، والذي يدعو للفخر أكثر هو التصرف المسؤول من أغلب فئات المجتمع. إن حكومتنا تعرف يقينا أن غياب المعلومة هو مرتع خصب للشائعات، وأن عدم خروج التصاريح بشكل دوري ودقيق سيجعل رسالة واتس اب تبث الذعر في الملايين، لذلك كانت الحكومة متنورة أكثر ومسؤولة أكثر بل وحريصة أكثر من أغلب حكومات العالم، حيث أخبرتنا منذ اليوم الأول بعدد الحالات ومكانها وماذا يحدث، وهذه ليست المرة الأولى، حدث ذلك منذ أيام حمى الوادي المتصدع عام ٢٠٠٠، وبعدها بسنوات مع كورونا الشرق الأوسط عام ٢٠١٢، والآن يحدث مرة أخرى، هذه الثقافة المسؤولة والصريحة والشفافة تجعلنا نثق في قيادتنا وننقل هذه الثقة لأسرنا وأهلنا، فكما أن الشك والخوف معدي، كذلك الثقة والشجاعة!

لن نحاول أن نبحث عن احتمالية الحرب البيولوجية وهل بدأ الفيروس من أمريكا أم من الصين أم من مكان آخر، ستظل جميع التكهنات ممكنة  ولا مجال للحصول على أي جواب قطعي. لكن الأكيد هو أن وباء كورونا سيعيد تشكيل العالم اقتصادياً وسياسياً وحتى ثقافياً. إن من كان يراهن على حضارة وثقافة أوروبا والغرب باعتبارها النموذج الأكمل لما وصلت له الإنسانية سيعيد النظر في ذلك. هذه الدول التي كانت قبل سنوات قليلة تنصب المحاكم لنا وتعطينا دروس في الحقوق والواجبات ووتعلمنا كيف يجب ان تكون العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي أول من خذل شعوبها حينما حانت لحظة الحقيقة. هذه المثاليات التي حاول الغرب تسويقها منذ عقود بدأت تتساقط شيئاً فشيئاً مع كل ازمة تلامس حياتهم، أما الآن فهاهي تسقط السقوط الأخير وتتهاوى في أقل من شهر بسبب كائن ضئيل غير مرئي. أنا هنا لا أشمت من أحد، فالنار لم تخمد بعد، وقد تحرق الجميع، ولكننا نعيش واقع مليء بالدروس حتى وإن كانت ذاكرتنا قصيرة. هذا الواقع ترك الباب مفتوح على مصراعيه لجميع الدول أن تتخذ القرارات السياسية التي تناسبها، الصين اتخذت قرارها السياسي، كذلك فعلت اوروبا وأمريكا، ونحن ايضاً اتخذت حكومتنا القرار السياسي الذي أجزم انه بتوفيق الله كان الأفضل.

المستقبل:

قيمة الإنسان مسؤولية عالمية، والعبث بها وانتهاكها قد يؤدي الى نتائج كارثية كالذي حصل مع الطبيب الصيني عندما شخص المرض في بداياته ثم تم قمعه، وبعدها مات، ثم بعد ذلك تقدم الحكومة الصينية اعتذارها! تعتذرون لمن؟ للعالم؟ للكارثة التي حلت بالبشرية بسبب أيدولوجيتكم المشوهة؟ أوليست أبجديات الحزب التي أسسها ماو تونغ تقول (ثقوا بالجماهير!) فشلتم أن تثقوا بفرد متخصص يخبركم عن مرض فتورط العالم كله بسبب حماقتكم.

إن منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية هي ما يحتاج  له العالم اليوم وغداً ليخبرنا ماذا نفعل وكيف نحمي أنفسنا، هذه المنظمة التي من المفروض أنه يعمل بها أفضل العقول وأفضل من يحمون حياة البشر من الأمراض هي من تستحق الدعم الدولي والميزانيات المفتوحة. لعشرات السنين كانت الساحة متروكة لهيئة الأمم المتحدة، تجار الحروب والسلاح والسياسات المزدوجة، كانوا هم من يقودون العالم، أين هم اليوم؟ وممن سنسمع التصريحات التي تخبرنا بالحقيقة؟ من ذلك المبنى الواقع في منهاتن، أم من هناك في جنيف حيث العالم كله ينتظر ماذا يخبرنا به ذلك الأسمر بروفسور الصحة العامة في مواجهة هذه الكارثة؟ أتمنى أن تكون منظمة الصحة العالمية على قدر المسؤولية وتحاول قدر الإمكان أن تتعامل مع المرض بعيداً عن السياسة!

اللهم أعز بلدنا ووفق حكومتنا وأدم علينا وعلى بلدان العالم الصحة والسلامة واكفنا شر هذا الوباء واصرفه عن البشرية.